Translate

الاثنين، 3 يناير 2011

الشباب .. لغز التطرف .. و حلم التطو ر..!!


الشباب ..
أحرف لطالما تدحرجت على بسط الألسن ، لتجتاز فجاج الثنايا مدوية تشنف المسامع، بكل مكان وعند كل مناسبة وإبان كل حدث..!!
أحرف يستهل بنيتها السداسية ألف ويختتمها باء يوصد ــ تركيبيا ــ باب كلمتها على حقول دلالية ومعرفية ، تتفتق أزهارها بمفاهيم ومواضيع ينوء بالعالم حصاد ثمارها..!!
سهل أن ينطق اللسان أو يخط البنان كلمة "الشباب"..!!
ولكن ماذا تعني ؟
وأي شيء وراء أكمة المفردة هذه؟
بغض النظر عن المعنى المعجمي للفظ ، وتعريفاته الاصطلاحية ، فهلا تعتبر الفترة الممتدة من المراهقة إلى الكهولة هي قلب العمر؟ والعمود الفقري لحياة الإنسان؟


ألا تستحق حظا وافرا من الدراسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟


أولم تأسر اهتمام الساسة والقادة والنخب قديما وحديثا؟


ولم لا .. وهي مرحلة القوة والحيوية والنشاط، وفرصة الإنتاج والإبداع الأكثر والأكبر..؟


ألم يركز الإسلام على الشباب عمرا وفئة؟


ففي الحديث الشريف:"اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك...."


و في الحديث أيضا: " مَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاهُ ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ "


ألا نلاحظ تخصيص الشباب بعد ذكر الحياة والعمر جملة؟ ـ وعطف الخاص على العام يدل على زيادة الاهتمام ـ


وكأن الشباب عمر مستقل يوازي العمر كله!


والتاريخ البشري حافل بالرموز الشبابية الذين غيروا مجريات الأحداث وأثروا الحضارات الإنسانية ..


والقرآن الكريم أعظم وأصدق دليل.. ففي قصص الأنبياء والصالحين "عبرة لأولي الألباب"


كقصة

إبراهيم عليه السلام مع قومه وإقامته ملة التوحيد وإسقاطه أوهام وأصنام الكفر "سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم"!


ثم ابنه إسماعيل عليه السلام يجود بنفسه لله ليفدى بذبح عظيم يكون سنة إلى يوم الدين !


ويوسف عليه السلام ألم يضرب أحسن مثل للعفة والاستقامة والصبر والحرص على نشر الخير وحسن التسيير..وهو إذ ذاك فتى غض!


وأصحاب الكهف " فتية آمنوا بربهم" فسميت بهم سورة من كتاب الله العزيز تتلى آناء الليل وأطراف النهار!!


" وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ " وابنها المسيح عيسى عليه السلام وحواريوه كم كان لهم من التأثير في مسيرة الزمن؟


والصحابة والتابعون وأتباعهم الذين أضاءوا وجه البسيطة إيمانا، وملؤوها سعادة وعدلا، وشيدوا حضارة الإسلام القائمة على الحب والسلام إلى قيام الساعة.. ألم يكن أغلب ألئك من الشباب؟


وتلك الحملات المغولية والصليبية ضد المسلين ألم يكن بين قادتها شباب؟


والثورة الفرنسية كم ضحى فيها من الشباب؟


والإمبريالية الأوروبية كم فيها من قائد شاب؟


والإيديولوجيات المعاصرة كم اندفع فيها أو حملها من الشباب؟


بل أغلب رواد الحركات القومية والعرقية ألم يكونوا شبابا؟


ومن قاد التيارات الإسلامية القائمة إلا الشباب؟


ومن أوقد الانتفاضات الفلسطينية إلا الفتية الصامدون؟


وعلى المستوى الاقتصادي فكم من الشركات والمؤسسات العالمية العملاقة بتأسيس وإدارة شبابية؟


وكم من النظريات والأبحاث والاختراعات الرائدة نتاج أدمغة وسواعد شبابية؟


وفي المقابل أليست أكثر الجرائم والمفاسد بأيد شبابية آمرة أو مأمورة؟


وهل يغذي الحروب إلا دماء وجهود الشباب؟


إذا تبين مما سلف أن "الشباب" طاقة هائلة وقوة خارقة حيثما توجهت أو وجهت فعلت المستحيل،


فكيف نحسن استغلال ثروة الشباب؟ وهل هو نعمة أم نقمة؟ وما هي العوامل المؤثرة فيه؟ وماذا له وماذا عليه؟


لاشك أن العواصف والأعاصير الغربية جلبت فيروسات وبائية من العولمة ، والرأسمالية والليبرالية المتوحشة..فاجتاحت أدواءها الكيان البشري لتقضي على المناعة القيمية والأخلاقية، وتزهق روح الإنسانية ومعناها،


فخلفت أجساما وأشكالا تحاكي خلقة بشر يتيهون في دياجير الأنانية لا يبصرون سوى أنفسهم أو مصالحهم، معبودهم المال وغايتهم الثراء، تعصف بهم الطبقية الاقتصادية، إذ لا حق لمحروم، ولا حياة لمسكين، ولا شأن لفقير!!


تلكم "الحضارة المادية" التي جثمت على ربوع الكوكب، وسممت مياه الفكر، ولوثت تربة الرأي، فكيف لا تؤثر في بنية النبتة الآدمية، أحرى ما غض ولان من الفتية والشبان؟؟


ألم تطبع "النظرة المادية"عملة التواصل، وتقسم العالم شطرين؟


شطر على بر الأمان يعيشون رغدا وهناء، يدعون من كل شيء بما يشتهون، حتى من الأسماء !


فيتسمون بـ"العالم المتقدم" و"العالم الحر" و "الدول المتقدمة"...!!


أما القسم الآخر ـ وهم الأكثرـ فغارقون في لجج الويل والثبور، يصارعون أمواج الفقر والتخلف، تنهشهم مخالب وأنياب الخوف والجوع، وهم ممزقون بين قفار ومفازات ومقابر تسمى مجازا أو تفاؤلا:"الدول النامية" أفلها حظ من اسمها؟


وإن استسيغت هذه التسمية لدول تحقق اكتفاء ذاتيا معقولا، فهل عامة مناطقنا الإسلامية والعربية والإفريقية يجوز تسميتها نامية؟


ثم ما بال أهل ذلك الشطر في انتعاش وازدهار، وعالمنا في صرع واحتضار؟


أليس هؤلاء أوفر ثروات وأكثر نسمات؟


وما سر تأخر أمة معظم شعبها في سن التأثير والفاعلية ، وبلادها تزخر بموارد لا تنضب؟


لعل الإجابة عن هذا التساؤل تتطلب بحوثا مختلفة تاريخية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية..يضيق عنها المقام، لكن حسبنا ما تثيره من أسئلة كثيرة حول شباب أمتنا،


هل لقي من التعليم والتكوين ما يؤهله لواجبه؟ وهل وجد من الرعاية والتأطير حدا كافيا؟


أم أن شبابنا يلقى في غيابات جب التجهيل والتضليل والحرمان؟


ومن أخرجته سيارات الأيام بدلاء النبوغ، ألم يبع "بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين"؟


ألم يسلم للقمع والتهميش، وربما الإبعاد أو القتل؟


أما من احتضنه تابوت القدر، وألقاه يم الصبر بساحل العلم ليكون نخبويا مثقفا، أهو أحسن حالا أم شر مآلا؟


ذلك الذي يقضي زهرة عمره وريعان شبابه قعيد الكراسي، حبيس الفصول الدراسية، زهاء عشرين سنة أو أكثر، ثم يتخرج لتلتقطه جنود فرعون ا لبطش، وهامان الفساد، ـ وأقسم"إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا ظالمين"!!


يأخذونه ويعتبرونه عدوا وحزنا، فيسارعون لسحقه بماكنة الظلم، ونفيه عن خريطة الوجود، موثقا بأغلال التعطيل داخل زنزانة الفراغ!!





في كوكب الهم لا شمس ولا قمر
يضيء دربا ولا ماء وشجر










يعيش منفردا والبؤس يطعمه
ما يحرق الكون من نيرانه شرر










والغيث مهل من الأحزان يتبعه
جمر الأسى مطرا من بعده مطر














فهل تراه يستطيع إنجازا؟ وأنى له المساهمة في التنمية؟


قد يكون سعيدا أو محظوظا من مات قبل أن تطول معاناته بسوء التغذية و الأمراض الفيروسية، فيربح الراحة وتربح الدولة أوراقه المدنية التي لم تقدم له سواها..


ومن لم يمت وطال عليه الأمد وقست ظروفه وازدادت قسوة، فإن لم يجد حلا في الجنون المسي، فهل له وسيلة غيرالتخلص من العقل مؤقتا أو مطلقا بالخمور والمخدرات ؟ ليفقد إدراكه بخسارة ذاته وأمله ومستقبله ،ولتخسر الأمة طاقته وجهده ..!


أما من لم يستطع شراء المسكرات، وتأنفت الشياطين عنه ، ولم يحظ بقرابة أو مصاهرة للحكام وزمرتهم ، وظل


ضجيع الحسرة والضياع، فهل يستغرب أن يصغي لأول ناعق يصدح بالسلاح، قتلا ونهبا وسلبا، ليستنزع لقمة قوت أو خرقة لباس ؟


وعندما تنتشر هذه الأنماط فلا تسأل عن الجرائم الرذائل والفواحش..!


حينها يفقد المجتمع أمنه، وتتبدد الثروات، وتتقلص الاستثمارات لخوف المستثمرين على أنفسهم وأموالهم،


عندئذ فالأنظمة التي تأبى استيعاب الشباب أطرا في مؤسساتها تصبح مضطرة لاستضافته لصوصا في سجونها..!!






فإلى من تؤول مسؤولية التنمية ؟ ومن سيتحملها؟






وأسوأ مما سبق أن يصب بطر السلطات زيت الإحباط على نار البطالة المتوهجة بين الشباب، فيتحولون وقودا لحطمة التفجير والتخريب، والإرهاب غير المبرر شرعا ، "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"!!


يومها يتخبط الناس حيارى، بين متفرج مذعور،ومغالب مرتبك مقهور،والجميع متضرر محسور..!!


عندها يتجلى أن سباعية الحروف تجر الحتوف على العاطل والمعطل ، فأين النجاء؟ وما هو الحل؟


قد يهرع البعض إلى امتطاء السفن الحربية ليصد "قوارب الموت" بالقتل أو الأسر،


أنسوا أم تناسوا أن القتل يؤدي إلى الموت؟ وأن كثرة الأسر تزيد ثقل الإصر؟


مهلا ..فإن صدام السفن والقوارب قد لا يذر ناجيا من الغرق بأمواج الفوضى والدمار..!!


لكن الحل هين، ويكمن في عملية اجتماعية بسيطة، إذ أصل المشكلة فراغ يولد من تزاوج عنصري الشباب والبطالة،


وحيث أن:(الشباب = ستة، والبطالة = سبعة، والفراغ يعني:لاشيء أي صفر؛نستنتج أن 6+7=0)


وهذا الصفر قنبلة مؤقتة، ولتفكيكها أو إزالتها لا بد من تغيير بعض عناصر العملية كي تتغير النتيجة،


فإذا جعل الدمج محل البطالة فإن الحاصل سيكون: الإنتاج والإبداع.. بدل الفراغ!!


فبذلك يحل لغز التطرف، ويتحقق حلم التطور!!


ولكن هل يتذكر الساسة عمليات الجمع؟


أم هم بحلول الضرب والطرح أدرى؟


أما القسمة ـ التي نتمناهاـ فأنى وكيف يسألون عنها؟


ومن ذا يتشجع لاستفسارهم؟


ومتى يروق للمتنفذين غير "قسمة ضيزى" ؟ .









ريثما تتأملوا الإجابة سنلتقي بإذن الله




محمد يحيى ولد سيد أحمد البكاي


رئيس جمعية مبادرة الوحدة والتقدم الشبابية







هناك تعليق واحد:

  1. صحقية مغربية23 أبريل 2011 في 9:24 م

    بارك الله فيك ..صحيح قولك إن الشباب بمثابة عمر يوازي العمر كله . لقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم قوله "الخير كل الخير في عصر الشباب " أو كما قال صلى الله عليه وسلم . بعد هذ الحديث لم نسمع أجمل من قول الشاعر : كل صعب على الشباب يهون ** هكذا همة الشباب تكون
    وهو ما صدقته نتائج المبادرات الشبابية في الثورات التي تفضلتم بذكرها في عرضكم القيم .وهي نتائج تنبئ بالنجاحات المتتالية للشباب الأحرار ،حتى يتمكنوا من إحكام القبضة على زمام الديموقراية .

    ردحذف