قراءة عصرية في إيحاءات طرة اللامية
الحلقة الأولى: نملة تركب فِيَلَةً .. وتطارد الأسود!!
بقلم:أ- محمد يحيى ولد سيد أحمد البكاي
عن أبي عن جدي عن الشيخ بشير المنذر بشير : عليكم باللغة العربية فإنها لغة القرآن، ووعاء الحضارة، وحصن الهوية، وهي تكتنز المعاني وتختصر الألفاظ..فلا تبغوا عنها "بدلا"،وأتقنوا بها النحو الصرف في كل مجال تنعموا بقيمة الاستقلال .. فسأل سائل كيف نحرص عليها ونحن لا نعرفها؟ فلا هي مادة أساسية في مدارسنا ولا لغة للمواد العلمية الأساسية...!!
قال: ادرسوا متونها وافهموها وطبقوها.. وإن طرة الحسن بن زين على لامية الأفعال من أحسن متون التصريف؛قيل: إنها تعسر على فهم العوام !!
قال: سأشرحها مع شواهدها! متجاوزا المقدمة لوضوحها والله المستعان وعليه التكلان..
قال ابن مالك:
[بفعلل الفعل ذو التجريد أو فعلا * يأتي ومكسور عين أو على فعلا]
قوله:
"بفعلل":أي بأمرك، ويقال :عولم؛"الفِعل":الحزب أي حزب الشيطان، وقيل : الغرب وهما سيان ؛ "ذو التجريد":من الأخلاق والقيم الإنسانية والكرامة الآدمية؛ "أو"بمعنى بل حرف عطف على محذوف، تقديره : نهب وقتل وشرد...بل"فعُلا" أي بشُع جرمه ، وكثُر ظلمه...فـ"يأتي":أفغانستان و العراق، و"الشرق الأوسط الكبير" و"الصغير" وما بين ذلك...
"بفعلل":أي بأمرك، ويقال :عولم؛"الفِعل":الحزب أي حزب الشيطان، وقيل : الغرب وهما سيان ؛ "ذو التجريد":من الأخلاق والقيم الإنسانية والكرامة الآدمية؛ "أو"بمعنى بل حرف عطف على محذوف، تقديره : نهب وقتل وشرد...بل"فعُلا" أي بشُع جرمه ، وكثُر ظلمه...فـ"يأتي":أفغانستان و العراق، و"الشرق الأوسط الكبير" و"الصغير" وما بين ذلك...
والفاعل مستتر باسم "التحرير" و "الحرية" و"الديمقراطية"، والتقدير لا يستحقه عند البصريين والكوفيين معا؛
وقال قوم "معتدلون": تقدير الفاعل ضروري لبقاء التركيب على ماهو...
وعلل الجرجاني بأن :الفاعل أو "الفاعلة" عمدة أو"شيخ" (نسي الراوي) والبقية متعلقاته وإن نابوا عنه في بعض الأحيان والأماكن..
"و"أي ومعه الدبابات والطائرات والفسفور الأبيض والموت الأحمر..
"مكسور" أي مسجور، يعني متوقدا ببراكين الحقد والكراهية ..
"عين" أي فكر وقلب وطرح ونهج..؛عبر بالعين لأنها حاسة الإبصار، إشارة إلى رؤيته السوداوية، وحملته الصليبية، وأهدافه الامبريالية، وأحقاده الفرنجية اليمينية المتطرفة..
"أو" يأتي باكستان أو الصومال السودان أو لبنان أو الخليج.. على سبيل الاحتلال بخدعة مكافحة الإرهاب أو حفظ السلام وتأمين المنطقة من "الأعداء الإقليميين"..
وقيل : "على"أي على أوروبا الشرقية حول روسيا الاتحادية..
"فعلا" أي بسط نفوذه ونشر دروعه وبث رعبه ..
وقيل "فعلا" أي نهب الثروات الطبيعية البترولية والمعدنية ...
وقيل فعل: سرق الأدمغة وقتل العلماء وحرق الكتب والمكتبات والمساجد والمعابد وهدم المدن والقرى..
قال الحسن بن زين :
{ - تضعيف ثان وأن الياء آخره * أو عينه كالوقوع قل ما نقلا}
{ - وجاء ثالثها مطاوعا ويجي * مغن لزوما ونقلا عن بنا فعُلا}
قوله:"تضعيف" أي تكرير وإعادة ،"ثان"الغزو الثاني للعراق،"أو" السماح لإسرائيل بذلك..
والخبر محذوف لدلالة ما بعده عليه ، والمقصود : أن تكرير التجربة الاحتلالية في العراق مستبعد في إيران ، وكذلك لا يسمح لإسرائيل بضرب المنشآت العسكرية هناك، بسبب فشل الحرب على الإرهاب والعراق،ولأن إيران صارت تمتلك قوة ردع قد تشكل خطرا على المصالح الغربية واليهودية في المنطقة،ولــ"أن الياء آخره"يعني ياء النووي إذ ربما تصبح إيران قوة نووية في (أجل قريب)، أو هكذا الغرب ترى"عينه" أي جاسوسه؛ وقال البصريون: بل معناه: أن الروافض الصفويين هم عين الأفعى اليهودية ، ووكلاء الصهيونية بالمنطقة، والأدلة كثيرة كــ<الوقوع> أي الولوغ في دماء وأعراض المسلمين ، وطمس الهوية الحضارية الحقيقية للأمة واستبدالها بهوية خنثى ..
قوله"قل ما نقلا" جملة اعتراضية لا محل لها من الاهتمام وتعني:قل من العون والمساعدات ما نقل بالفعل لإعمار غزة أو باكستان ..
قال"وجاء>"نصرالله" <ثالها" بعد التضحية والصبر.."مطاوعا"مستجيبا للمجاهدين في سبيل الله المستنصرين به؛ وقيل "وجاء"من أقصى المدينة المحتلة "ثالثها"عنصر ثالث مختلف عن ثنائي البغي والخنوع.."مطاوعا" مستجيبا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، لما دعي لما يحيي روح الجهاد في جسد المؤمنين ليصلوا قنطرة الخلافة الراشدة..
"ويجي" أي [المعتصم بالله][المنصور]،بــ[صلاح الدين] والحكم الرشيد... ليبسط العدل بالأرض ويقيم الحجة على الناس.. "مغن"بإخلاصه وجده في إثبات البراهين على ما يأتي.."لزوما"اقتصارا للحق والخيرية بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتعدى لغيره..وورد لفظ"لزوما" منصوبا لنزع الخافض لأن الله تعالى رفع المؤمنين وأهل العلم العاملين فلا يخفضون ولا ما ارتبط بهم ولو كان أحرفا..
قوله"ونقلا"أي للدائرة والهزيمة والرعب إلى قلب العدو وذلك مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم:{لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة..}.
"عن بنا فعُلا" أي أن أبناء الآخرة الآنف ذكرهم يغنيهم الله ويغني بهم أمته عن سواهم من الغوغاء المرتكسين في الغثائية الناكصين على أعقابهم المنتكسة قلوبهم { كالكوز المجخى} والذين عرفهم المؤلف بقوله "بنا فعلا"أي بناء جسميا كثر لحمه وشحمه وخبث فكره وعمله وهزل رأيه ؛
عندها صاح تلميذ غير مؤدب : هل من شاهد على ما سلف؟
قال: أجل أنظر حيث شئت {واسأل القرية التي كنا فيها} وما زلنا فيها..
فسئلت ؛ {وشهد شاهد من أهلها} وهو صبي في الخمسين ضجيع مهد القعود بحجر أم حنون تدعى البطالة المكناة أم المصائب المتربعة على حصباء الشاطئ الجنوبي للأطلسي..
وقيل إنه من أهل {القرية التي كانت حاضرة البحر} الذين يعدون من السبت إلى الجمعة معتدين على حرمات الله سبحانه ، ويسمونها "القرية الكونية" أو العالمية.. وفي الأخبار أنها "قرية بل مدينة عصرية متكاملة" ومدنية تعج بالفنادق والأسواق والمنتزهات والملاهي..ولم يرد ذكر المساجد فيها ولا المحاظر!! ولعلهما حذفا (ولم يقدرا) وذلك اختصارا على "الحياة المادية" وتجنبا لتطويل الكلام عن الدين والصلاة، ولتربط حزمة التطور المدني (العلماني) برباط غير ياسيني..
وقيل ربما أضمرا (فقط) لحاجة في نفس يعقوب..
وفي بعض الروايات أنها "القرية العصرية المتكاملة" بالقفار الرملية المتوفرة على المرافق الحيوية :(المباني الإدارية والمستوصف والسوق والمسلخة وحائط بيطري للحيوانات ) لكن لم يدشن بها بيت ولا حائط للصلوات ولو من الصفيح كأكواخ بعض "العواصم المتقدمة" !! بيد أن أكبر جامع هناك لا يكلف واحد بالمائة من نصف مليار أوقية!!
أما "الاستشهاد" ففي البيت:
وشاهد قولهم للمسلم العرب * هل تغلب النملة الضرغام أو فيلا
قال بشير: قوله "و" حرف استئناف، أي إبان أو بعيد هذا الزمان سيستأنف المجد التليد ، ويشهد الكون الرخاء من جديد ويخطو على النحو السديد.."شاهد" من أهل القرن الواحد والعشرين،قبل الميلاد المنتظر "قولهم" أي بهتانهم واستهزاؤهم والمضمر الكذبة أكلة السحت الملعونين أين ما ثقفوا..
وقيل :"قولهم" أي استنكارهم والضمير هنا عائد على العقلاء في أي عصر أو مصر..!!
"للمسلم العربي" اللام حرف جر: أي قصد سحق وحبل ذل ومشنقة للاستئصال دين وشخص المسلم أيا كان أحرى إذا تعرب ولو نافق وأرجأ وأرجف فلا نجاء ولا محيص..!! وشبه الجملة(الجار والمجرور) محله مبني على "النصب" في غابة غريبة الأطوار، ملتهبة الأشجار، يحكمها الأشرار، ويسوسها الصِّغار، ويسودها الصَّغَار، حتى إذا دنا الانهيار صدع مناد في استنفار:
" هل تغلب النملة الضرغام أو فيلا"؟
و"هل"استفهام الستنكاري بمعنى لماذا، "تغلب" تحطم وتقهر "النملة":حشرة تتمتع بدقة التنظيم إحكام التنسيق، تجوب الأرض أنفاقا، وتستحوذ على نتاج الغابة في خزائنها، وتحتل من البلاد ما يحلو لها، وتغزو الفضاء بعقلها ومكرها، ويقال: إن إضافتها للنمل خطأ تقديري (استيراتيجي) وقع فيه بعض النحاة؛ واتفقوا أنها بهذا : ظاهرة غير طبيعية وغير صحية، و"مصروفة عن ظاهرها" لأن لها سم الأفعى، وروغ الثعلب، وجبن القطا، وبطش الكواسر، ونهش الجوارح، و بها داء الكلب، وحماقة الحُمُر لا تفهم إلا الضرب، ما لم ترى قسورة!!
وقوله"الضرغام" علم معرف ب[أل الشمسية] لسطوع الحق الذي معه سطوع شمس الظهيرة بعز الربيع والسماء صحو..ذكر بالتعريف لشهرته ، وذيع صيته وجمال سيرته وعلو همته ... فالكل يعرفه فهو الأسد وله أسماء كثيرة للاطلاع عليها تابعوا النشرات الإخبارية اللاحقة والسابقة...
قوله "أو فيلا" يعني بل فيلا أي أن الحشرة الخبيثة لم تغلب الضرعام ولن تغلبه و إنما غلبت وتغلب فيلة، وأوردها بصغة التنكير والجمع لنكارتها وحقارتها وكثرة عددها فهم"غثاء كثاء السيل" ، والفيل يرمز:لضخامة الجسم والبلادة، وانتفاخ البطن من أكل المال العام، وانتشار الأذن للتجسس ظلما على "البرآء" والعوام، وهو يتناول الحاجات أكلا وشربا بخرطوم أنفه فيرغمه ويعفره ولا يصون شرفا ولا إباء..!! ولمزيد من المعلومات زوروا موقعه على الأرض..
ويستنبط مما سبق أن:
- حشرة سوداء تركب فيلة لتشعل الغابة وإياهم ليعبثوا معا "وليتبروا ما علوا تتبيرا"
- والفيلة يقتاتون فضلات نملة، يعبدونها خشعا "تحسبهم أيقاظا وهم رقود"
- والأسود ترفض الظلم وتثور، فيعترضهم فيل و"هم عنه معرضون"
- والضرغام يفر بدينه وعرضه فيأوي إلى الكهف، تاركا برد الغابة وظلها.
ثم قال الشيخ لتلاميذه هل من استشكال؟
قالوا: متى تتوقف الحشرات عن العبث بالغابات؟
قال:إذا انتصرت الأسود "وكذلك يفعلون"
قالوا: أنى ذلك،
قال: الله أعلم ؛ لكن هلا تابعتم الشروح القادمة لتعرفوا المزيد؟
بقلم: محمد يحيى ولد سيد أحمد البكاي
لا يسعني إلا أن أأكد وأقسم بأني لم أشتق لشيء مثل اشتياقي للحلقة الثانية ، وأتمنى أن تنشر قريبا.
ردحذف