Translate

الأربعاء، 23 فبراير 2011

العالم يتغير.. فكيف نوجه البوصلة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

قديما كان يقال:"الملك قلب الرعية.. " و " الرعية على قلب الملك "
فهل مازال الأمر كذلك أم تغير؟
أم أنه بدواة
البنزين وريشة الدم تكتب الأحداث قاعدة أخرى؟
قالت تونس كلمتها وشقت طريقها إلى عهد جديد وجدت مصر نفسها أحرى بالتطلع إليه، فنادى في أعماق الوجدان العربي ضمير الكرامة وانبجست روح التحرر من أغلال الظلم والتدجين .. فانفجرت البلدان تموج بسيول المتظاهرين شرقا وغربا هتافهم يتمحور حول كلمة: "الشعب يريد.." ثم تختلف بقية الجملة حسب ظروف كل بلد وتعامل سلطته مع إرادة الشعب..
في ليبيا بزغت شمس الإباء وانتشر نور الشجاعة والشهامة فانهمر أحفاد عمر المختار يحررون مناطقهم من وطأة الأوغاد المجانين فقوبلوا بترحيب الصواريخ وزغاريد القذائف لتعانقهم الإبادة الجماعية في كل شارع وبكل ساحة، وهم صامدون حتى يقطع رأس الأفعى أو يحرق الجبن والخيانة في النفوس العربية و أنظمتها الممالئة على شعوبها..
أما اليمن السعيد فيغدو ويروح على نسيم الدماء وألحان الرصاص .. بينما تهتز شوارع البحرين التي أصابها وابل من الرصاص قبل أيام فزاد عزيمة المحتجين وشد إرادتهم للتغيير رغم هبوط سهم العنجهية الحكومية بعدما استجاب الملك لحق التظاهر ودعا للحوار واستعد للتنازل مفوضا ولي عهده بفعل ما يلزم لإرضاء المواطنين
وعلى بعد أميال من هناك يغلي التنور الإيراني بعيدا عن أعين الفضائيات ، غير أن الطريف في الأمر هو: تسابق الموالاة والمعارضة ليس للمال العام أو السلطة ولكن لتبني القتيلين الذين سقطا في الاحتجاجات المناصرة لثورة تونس ومصر من جهة والمؤيدة أو المعارضة للنظام من جهة أخرى؛
فإذا بلاد فارس والجزيرة العربية والشرق الأوسط كله رجع لصدى تونس التي انطلقت منها الشرارة الأولى يوم صفعت الشرطية شابا أبيا وانتزعت منه وسيلة قوته فصب قليلا من البنزين على جسمه وأضرم النار ليفتح بوابة التضحية ويتدفق من "سيد بوزيد" طوفان ثورة يعم أرجاء المعمورة ولعله سيرسم خريطة جديدة للعالم ويغير تضاريس الدول والأنظمة في أجل قريب.
وإن بركانا بهذه السرعة وزلزالا بهذا المقياس لا يؤمن تأثيره فيما حوله ، فأيما أرض تجاوره إن لم يصبها مباشرة فقد تظلها سحب دخانه!!
فما هي التدابير المطلوبة في موريتانيا؟
صحيح أن لموريتانيا خصوصياتها! ولكن " العاقل من يتعظ بغيره" ولا أحد ينكر أن الشعب في موريتانيا أسوأ حالا وأشد بؤسا منه في تونس ومصر وليبيا..
قد يقول قائل إنه شعب مسالم أو ضعيف أو جبان .. ولكن الأيام والأحداث تخلع تلك الأوصاف عن المظلومين والمهمشين فينتفض الناس من حيث لا يحتسب مترصد...
فما هي إلا ظلم يستحكم وفساد يستشري وبطالة وبؤس ثم قمع متوحش فإذا حرائق تتلقف من حكموا..
"اللهم حوالينا ولا علينا" هو شعار المرحلة، ونبتهل في الدعا:"اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن" فهل يُؤَمِّن الساسة؟ ولسنا نكتفي بقول : آمين باللسان مع غياب العقل وعدم الفعل بل "نريد" تأمينا حقيقيا يؤمن البلاد من الانزلاق في نفق سحيق مظلم ، ولن يتم ذلك إلا بإجراءات عملية سريعة وجادة من أهمها ما يلي:
1 – دمج الشباب والنخب المعربة وإشراكهم في القرار والتسيير
2 – احترام الناس وتعزيز الحريات وعدم التعرض لمن أراد التعبير عن رأيه بصفة سلمية
3 – محاربة الفساد وإبعاد المفسدين الموجودين بكثرة في هرم النظام
4 – فتح فرص عمل حقيقية غير وهمية ولا تلاعبية فرص تتماشى مع روح الإنسانية ومتطلبات العيش الكريم
5 – تخفيض الأسعار والأخذ على أيدي كبار رجال الأعمال الذين يرفعون الأسعار بسرعة الضوء ويتلاعبون بالموارد
6 – توفير الماء "الشروب" والكهرباء والصحة مجانا للمواطن في كل مكان
7 – إصلاح التعليم بما يتماشى مع القيم الحضارية والثقافية للبلد وزيادة الإنفاق عليه والتكفل بجميع الطلاب في جميع المراحل وتوفير كافة المستلزمات لهم وللمدرسين وكل منتسبي قطاعات التعليم المختلفة
8 – فتح أبواب السلطات والمؤسسات الحكومية لكل مواطن وإماطة لثام القبلية والمحسوبية
9 – تنفيذ تنمية حقيقية في كل الولايات
10 – تعزيز مكانة اللغة العربية وإعطاء النخب المعربة حقهم الطبيعي وإشراكهم في إدارة مؤسسات الدولة
11 – اعتماد معايير سلمية في التوظيف والتعيين والعمل على أساس الكفاءة والأهلية لا على العلاقات المشبوهة والقرابات والتملق..
12 – وأخيرا وليكتمل الخير والصلاح وتتجمل صورة البلد وتحفظ موريتانيا من ما يسمى "الإرهاب" ومن التفرقة العنصرية وغيرها من الأزمات المحدقة بكايننا الهش الذي لا يحتمل هزات قوية إن الحل الجذري لكل تلك المشاكل يتمثل في " تطبيق الشريعة الإسلامية" فلن يرفضها مواطن عاقل وأما الخارج فقد عصيناه حين تغيير السادس من أغصطس فحري بنا أن لا نتركه يتدخل في شؤوننا خصوصا في شيء يخدم وحدتنا وازدهارنا عدى عن كونه طاعة لله الذي خلقنا ورزقنا ..
"اللهم هل بلغت اللهم فاشهد"
محمد يحيى ولد سيد أحمد البكاي القصري
رئيس جمعية مبادرة الوحدة والتقدم الشبابية

هناك تعليقان (2):

  1. بوركت من مواطن غيور على هويته الإسلامية وقوميته العربيةووطنيته الموريتانية .ولعلك أخي المحترم تناولت في سبك هذا المقال نوعا من تنوير الحكومة حول الطريقة المثلى لتسوية أهم مشاكل البلد ،حيث قمت بسرد المشاكل حسب الأولويات ملخصة في اثنتي عشرة نقطة ، تماما بعدة الشهور عند الله . لتقول للحكومة الموقرة:من نور الله قلبه فالإشارة تكفيه ، إن عملتم بجدية على تسوية مشكلة واحد كل شهر فما إن تكتمل السنة حتى يعم الرقي والإزدهار هذا البلد الأمين بحول الله والذي يستحق كل خير . واقول للتاريخ : لوأن 10بالألف من شباب كل دولة عربية أو مسلمة يفكرون مثل تفكيرك لصدق عليكم قول الشاعر بن محمدي العلوي الشنقيطي ، في قصيدة يمدح بهاالسلطان المغربي مولاي عبدالحفيظ ويصف حال الدولة الإسلامية بعد ما استقامت عل يد هذا السلطان :
    تداركتها بعد ما مالت دعائمها** فاستحكمت حتى اطمأنت فوق آساس

    ردحذف
  2. لله درك من كاتبة حكيمة وناصحة واعية مدركة لمفاصل الحقيقة !
    كم أبهرني ذكاؤك وفطنتك وكم حيرتني روعة صياغتك للأفكار وسبكك للعبارات الراقية الجميلة مع نصاعة أسلوبك ورزانة معالجتك دون أن يفلت من عقال كلماتك أي هدف مما رمت التعبير عنه ... حيث أبلغت عدة رسائل في موجز عجيب الحسن شديد الاكتناز أعطى من كل خير وردة لكل مستحق ..
    إلا انك سيدتي أطريتني إطراء لست به حقيقا وما أنا بذلك الشأو السامق غير أن الجميل يرى الوجود جميلا..فلك التهانئ كلها وإليك يزف الشكر والتقدير مضاعفا بلا حصر..
    ثم ما أقول إلا ما روي عن أبي بكر رضي الله عنه : "اللهم اجعلني فوق ما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ولا تؤاخذني بما يقولون"

    ردحذف